للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقرآن كالمسر بالصدقة" (١)، والأصل أن الإسرار أفضل لهذه الآية، ولما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظلَّ إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع إليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوام بن حوشب، عن سليمان بن أبي سليمان، عن أنس بن مالك، عن النبي ، قال: "لما خلق الله الأرض جعلت تميد، فخلق الجبال فألقاها عليها، فاستقرت، فتعجبت الملائكة من خلق الجبال، فقالت: يا ربِّ هل في خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال: نعم الحديد. قالت: يا ربِّ فهل من خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال: نعم النار، قالت: يا ربِّ فهل من خلقك شيء أشد من النار؟ قال: نعم الماء. قالت: يا ربِّ فهل من خلقك شيء أشد من الماء؟ قال: نعم الريح؟ قالت: يا ربِّ فهل من خلقك شيء أشد من الريح؟ قال: نعم ابن آدم يتصدق بيمينه فيخفيها من شماله" (٣).

وقد ذكرنا في فضل آية الكرسي عن أبي ذرّ، قال: قلت: يا رسول الله، [أي الصدقة أفضل] (٤)؟ قال: "سر إلى فقير أو جهد من مقلّ" رواه أحمد (٥)، ورواه ابن أبي "حاتم من طريق علي بن يزيد، عن القاسم، عن أُبي أمامة، عن أبي ذرّ … فذكره وزاد: ثم نزع في هذه الآية ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ … ﴾ الآية (٦).

وفي الحديث المروي: "صدقة السر تطفئ غضب الربِّ ﷿ " (٧).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا الحسين بن زياد المحاربي مؤدب محارب، أنا موسى بن عمير، عن عامر الشعبي في قوله: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ قال: أنزلت في أبي بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما -، أما عمر فجاء بنصف ماله حتى دفعه إلى النبي ، فقال له النبي : "ما خلفت وراءك لأهلك يا عمر؟ " قال: خلفت لهم نصف مالي، وأما أبو بكر فجاء بماله كله يكاد أن يخفيه من نفسه، حتى دفعه إلى النبي ، فقال له النبي : "ما خلفت وراءك لأهلك يا أبا بكر؟ " فقال: عدة الله


(١) أخرجه الترمذي من حديث عقبة بن عامر مرفوعًا، قال: حسن غريب (السنن، فضائل القرآن ح ٢٩١٩)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (ح ٢٣٣١).
(٢) صحيح البخاري، الآذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة (ح ٦٦٠)، وصحيح مسلم، الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة (ح ١٠٣١).
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ١٢٤)، أخرجه الترمذي من طريق يزيد بن هارون به، ثم قال؛ هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه (السنن، التفسير ح ٣٣٦٩).
(٤) ما بين قوسين سقط من الأصل واستدرك من (عف) و (ح) و (حم) والتخريج.
(٥) المسند ٥/ ١٧٨، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٢٨٢).
(٦) في سنده علي بن يزيد الألباني صاحب القاسم: وهو ضعيف (التقريب ص ٤٠٦).
(٧) أخرجه الطبراني من طريق علي بن يزيد به (المعجم الكبير ٨/ ٢٦٩)، وسنده كسابقه.