للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾ الآية [الروم: ٣٩]، وقال ابن جرير في قوله: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾: وهذا نظير الخبر الذي روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: الربا وإن كَثُر فإن عاقبته تصير إلى قلّ (١).

وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد في مسنده، فقال: حدثنا حجاج. حدثنا شريك، عن الركين بن الربيع، عن أبيه، عن ابن مسعود، عن النبي ، قال: "إن الربا وإن كَثُر فإن عاقبته تصير (٢) إلى قلّ" (٣)، وقد رواه ابن ماجه: عن العباس بن جعفر، عن عمرو بن عون، عن يحيى بن زائدة، عن إسرائيل، عن الركين بن الربيع بن عميلة الفزاري، عن أبيه، عن ابن مسعود، عن النبي ، أنه قال: "ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قل" (٤).

وهذا من باب المعاملة، بنقيض المقصود، كما قال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا الهيثم بن نافه الظاهري، حدثني أبو يحيى رجل من أهل مكة، عن فروخ مولى عثمان، أن عمر وهو يومئذٍ أمير المؤمنين، خرج من المسجد فرأى طعامًا منثورًا، فقال: ما هذا الطعام؟ فقالوا: طعام جلب إلينا، قال: بارك الله فيه وفيمن جلبه، قيل: يا أمير المؤمنين إنه قد احتكر، قال: من احتكره؟ قالوا: فروخ مولى عثمان وفلان مولى عمر، فأرسل إليهما، فقال: ما حملكما على احتكار طعام المسلمين؟ قالا: يا أمير المؤمنين نشتري بأموالنا ونبيع، فقال عمر: سمعت رسول الله يقول: "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالإفلاس أو بجُذام"، فقال فروخ عند ذلك: أعاهد الله وأعاهدك أن لا أعود في طعام أبدًا، وأما مولى عمر فقال: إنما نشتري بأموالنا ونبيع، قال أبو يحيى: فلقد رأيت مولى عمر مجذومًا (٥)، ورواه ابن ماجه من حديث الهيثم بن رافع به، ولفظه: "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالإفلاس والجذام" (٦).

وقوله: ﴿وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ قُرِئ بضم الياء والتخفيف، من ربا الشيء يربو وأرباه يربيه، أي كثره ونماه ينميه، وقُرِئ: "يُربي" بالضم والتشديد من التربية (٧).

كما قال البخاري: حدثنا عبد الله بن المنير (٨)، سمع أبا النضر، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يُربي أحدكم فلوه، حتى يكون مثل الجبل" كذا رواه في كتاب الزكاة (٩)، وقال في


(١) أخرجه بحذف الإسناد ٥/ ٤٥، وهو حديث صحيح.
(٢) في الأصل: "فإن كثر فإلى قل"، والتصويب من التخريج.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ح ٣٧٥٤)، وصححه أحمد شاكر.
(٤) السنن، التجارات، باب التغليظ في الربا (ح ٢٢٧٩)، وصحح إسناده البوصيري (مصباح الزجاجة ٢/ ١٩٩)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ١٨٤٨).
(٥) أخرجه الإمام أحمد سنده ومتنه (المسند ح ١٣٥)، وصححه أحمد شاكر.
(٦) السنن، التجارات، باب الحكرة والجلب (ح ٢١٥٥)، وصحح إسناده البوصيري (مصباح الزجاجة ٢/ ١٦٤).
(٧) القراءة الأولى متواترة والثانية بالتشديد شاذة تفسيرية.
(٨) في الأصل: "بن كثير" والتصويب من (عف) و (حم) و (م) والتخريج.
(٩) صحيح البخاري، الزكاة، باب الصدقة من كسب طيب (ح ١٤١٠).