للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منصور، كلاهما عن القاسم (١) به (٢)، وقد رواه ابن جرير، عن محمد بن عبد الملك بن إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن القاسم بن محمد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "إن العبد إذا تصدق من طيب يقبلها الله منه، فيأخذها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله، وإن الرجل ليتصدق باللقمة فتربو في يد الله - أو قال: في كفِّ الله - حتى تكون مثل أُحد، فتصدقوا" (٣). وهكذا رواه أحمد: عن عبد الرزاق (٤)، وهذا طريق غريب صحيح الإسناد، ولكن لفظه عجيب، والمحفوظ ما تقدم، وروي عن عائشة أُم المؤمنين، فقال الإمام أحمد، حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد عن ثابت، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، أن رسول الله قال: "إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة كما يربي أحدكم فلوَّه أو فصيله حتى يكون مثل أُحد" (٥) تفرد به أحمد من هذا الوجه.

وقال البزار: حدثنا يحيى بن المعلى بن منصور، حدثنا إسماعيل، حدثني أبي، عن يحيى بن سعيد، عن عَمرة، عن عائشة، عن النبي وعن الضحاك بن عثمان، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "إن الرجل ليتصدق بالصدقة من الكسب الطيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فيتلقاها الرحمن بيده، فيربيها كما يربي أحدكم فلوَّه أو وصيفه" أو قال: "فصيله"، ثم قال: لا نعلم أحدًا رواه عن يحيى بن سعيد عن عمرة إلا أبا أويس (٦).

وقوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ أي: لا يحب كفور القلب أثيم القول والفعل، ولا بد من مناسبة في ختم هذه الآية بهذه الصفة، وهي أن المرابي لا يرضى بما قسم الله له من الحلال، ولا يكتفي بما شرع له من الكسب المباح، فهو يسعى في أكل أموال الناس بالباطل، بأنواع المكاسب الخبيثة، فهو جحود لما عليه من النعمة، ظلوم آثم بأكل أموال الناس بالباطل - ثم قال تعالى مادحًا للمؤمنين بربهم، المطيعين أمره المؤدين شكره، المحسنين إلى خلقه في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، مخبرًا عما أعد لهم من الكرامة، وأنهم يوم القيامة من التبعات آمنون فقال:

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧)﴾.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٨١)﴾.

يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بتقواه، ناهيًا لهم عما يقربهم إلى سخطه ويبعدهم عن رضاه،


(١) في الأصل: "عن أبي نضرة" والتصويب من (عف) و (م) و (ح) والتخريج من المسند.
(٢) المسند ٢/ ٤٠٤.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٤) المسند ٢/ ٢٦٨.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٦/ ٢٥١)، ويشهد له ما سبق.
(٦) في سنده أبو أويس: عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي: وهو صدوق يهم (التقريب ص ٣٠٩)، وقد توبع في الروايات السابقة.