للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإما أن تكون كما قال تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (٨٣)} (١) كفرًا بالنعمة وبطرًا يقول: "إنما أوتيته على علم عندي" وما أشبه ذلك وقوله: {أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٣٥)} الشكر هو: (القيام بطاعة المنعم، وصرف نعمه فيما جعلها الله له)، فمن صرف نعم الله على غير ما جعلها الله له فليس بشاكر، فلو جعل النعم عونًا له على المعصية فصار يستعين بنعم الله على معصيته لم يكن شاكرًا؛ لأنه صرفها في غير ما جعلت له، وإنَّما أنعم الله علينا هذه النعم لنقوم بعبادته والتقوي عليها، والشكر متعلقه ثلاثة أشياء: القلب واللسان والجوارح، وعلى هذا قال الشاعر:

أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجب فشكر القلب: أن يعترف الإنسان بقلبه أن هذه النعمة من الله سبحانه وتعالى هو الذي منّ بها، إن كانت نعمة إيجادية، أو كانت دفع نقمة فإنها من الله وهو المانّ بها، فلا يجعل ذلك من أسباب عمله وذكائه، بل يجعل ذلك من فضل الله سبحانه وتعالى وإحسانه.

وشكر اللسان: أن يثني الإنسان بها على الله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)} لكن لا على سبيل الفخر والعلو على الآخرين، فإنه إذا تحدث بها على سبيل الفخر والعلو على الآخرين صار هذا كفرًا لا شكرًا.


(١) سورة النحل، الآية: ٨٣.

<<  <   >  >>