للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (٧)} (١).

فإن قال قائل: نحن نرى كثيرًا من الناس قد أغدق الله عليهم النعم مع كفرهم بها؟ فبماذا نجيب عن هذه الآية؟

الجواب: على هذا أن نقول:

أولًا: إن الله تعالى قد عاقبهم عقوبة عظيمة؛ لأن العقوبة لا تنحصر في فقدان النعمة، بل العقوبة تكون بفقدان النعمة، وتكون بقسوة القلب ومرض القل، وإن كان أكثر الناس يظنون أن العقوبات إنما هي بزوال النعم، والواقع أن عقوبات القلوب بالمرض والقسوة والإعراض عن الله وعن ذكره هذه أكبر عقوبة، ثم هؤلاء المنعمون في أبدانهم لا تظنون أنهم منعمون في قلوبهم أبدًا، ففي قلوبهم من الضيق والحرج، وعدم الصبر على القضاء والقدر ما يجعلهم دائمًا في نار، ولا تجد أطيب حياة من حياة المؤمن وإن كان أفقر الناس {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)} (٢) فهؤلاء قد عوقبوا عقوبة أعظم من إتلاف الأموال والثمار وغيرها وهو قسوة القلب ومرضه وإعراضه، فإن هذا يوجب للإنسان ضيق الصدر، والتعب من الحياة؛ لأنه لا يرضى بالله ربًّا، ولا بشرعه دينًا.

ثانيًا: أن نقول هذه النعم عجلت لهم عقوبة لهم واستدراجًا، ولهذا لما جاء عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إلى النبي عليه


(١) سورة إبراهيم، الآية: ٧.
(٢) سورة النحل، الآية: ٩٧.

<<  <   >  >>