للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[إليه لا تتجاوزه]، والمستقر موضع القرار، كما قال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٣٦)} (١) وقال {جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا} (٢). فالمستقر موضع القرار، وقال تعالى {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} (٣) فما هذا القرار الذي تجري الشمس إليه؟ هل هو قرار زمني؟ أو قرار مكاني؟ أو هما جميعًا؟

ثبت في الحديث الصحيح عن أبي ذر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أنَّه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد حين غربت الشمس فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتدري أين تذهب؟ " فقال أَبو ذرٍّ: الله ورسوله أعلم، قال: "فإنها تذهب وتسجد تحت العرش، وتستأذن فذلك مستقرها" (٤)، ثم قرأ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨)} وهذا الحديث يدل على أن مستقرها مكاني؛ لأنها تسجد تحت العرش، وهذا السجود لا نعلم كيفيته؛ لأن الشمس ليست كالبشر حتَّى يقاس سجودها بسجود البشر، بل هي مخلوق أعظم، ولا ندري كيف تسجد؟ فإذًا لا يرد علينا السؤال: هل هي تسجد وهي سائرة أو تقف؟ وكيف يصح أن نقول: إنها تسجد وتستأذن وهي لا تزال مستمرة في الأفق؟ كل هذه الأسئلة إيرادات نجيب عليها عند ذكر الفوائد.


(١) سورة البقرة، الآية: ٣٦.
(٢) سورة النمل، الآية: ٦١.
(٣) سورة هود، الآية: ٦.
(٤) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة الشمس والقمر (٣١٩٩).

<<  <   >  >>