للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشر، وأهل الشر يقولون: هؤلاء متشددون، هؤلاء يريدون من الناس أن يكونوا على شاكلتهم، وإلا فهم كافرون وما أشبه ذلك، والمهم أن ألقاب السوء التي يلقب بها أعداء الله أولياء الله لم تزل موجودة ولا تزال موجودة إلى يومنا هذا، حتى أهل البدع يلقبون أهل السنة بألقاب السوء يقولون: هؤلاء مشبهة. إذا أثبتوا الصفات على الحقيقة، وهؤلاء حشوية، هؤلاء نوابت وما أشبه ذلك من الكلمات التي تستوجب النفور منهم، والنيل من قدرهم، ولكن هذا لا يضر أهل الخير، ولكن يؤذيهم، والأذية غير الضرر، فقد يتأذى الإنسان بالشيء ولكن لا يتضرر به، فها هو الإنسان يتأذى من رائحة البصل والكراث، والشيء المستقذر، ومع ذلك لا يتضرر به، وقد أثبت الله لنفسه أنه يؤذى من المنافقين وغيرهم، ونفى عن نفسه التضرر، وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} (١) وقال في الحديث القدسي: "يؤذيني ابن آدم يسب الدهر" (٢)، وقال في الحديث القدسي: "يا عباد إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني" (٣)، المهم أن مثل هذه الألقاب لا شك أنها تؤذي المؤمنين، ويتأذون منهم، وتضيق بها صدورهم، لكنها لا تضرهم، بل هي نافعة لهم؛ لأنهم إذا صبروا عليها أجروا على الصبر، وإذا تأذوا بدون صبر صارت كفارة لهم؛ لأنه لا يصيب المؤمن من هم ولا أذى ولا غم إلا كفر


(١) سورة الأحزاب، الآية: ٥٧.
(٢) أخرجه البخاري، كثاب التفسير، تفسير سورة الجاثية (٤٨٢٦) ومسلم، كتاب الأدب، باب النهي عن سب الدهر (٢٢٤٦).
(٣) أخرجه مسلم، كتاب البر، باب تحريم الظلم ٥٥ (٢٥٧٧).

<<  <   >  >>