للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعني ذو الرحمة الواسعة، والرحيم الذي تصل رحمته إلى من يشاء من عباده، وهنا ذكر {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ} ولم يقل: (ما وعد الله)، لأن رحمة الله يوم القيامة تتجلى تجليًا أكثر منها في الدنيا، فإن لله تعالى مائة رحمة جعل منها رحمة في الأرض، فإذا كان يوم القيامة صار له مائة رحمة، التسعة والتسعون الباقية، والرحمة الأولى، وهذا يدل على تجلي رحمة الله تعالى في ذلك اليوم، ولهذا قال هنا: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ} والرحمن مشتق يدل على صفة الرحمة، ويجب علينا في أسماء الله تعالى أن نؤمن بالاسم، وما دل عليه من الصفة، والأثر المترتب على ذلك، ويجوز أن نقول والحكم، فهنا {الرَّحْمَنُ} اسمه، والرحمة صفته، ويرحم من يشاء فعله سبحانه وتعالى، وهو أثر الرحمة قال: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ} وعد الرحمن بأنه سيكون يوم يبعث فيه الناس، فيجزي فيه المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، ومجازاة المحسن الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، {وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} أخبر بالصدق (وصدق القائل) بمعنى التصديق من المخاطب، فالصدق من المتكلم، يقال: صدق، ويقال: صدق بمعنى أخبر بالصدق. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} (١) وصدق القائل، أي: أقر بقوله واعترف به، قال الله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} (٢) فهو صادق وصدق والله أعلم.


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٥٢.
(٢) سورة الزمر، الآية: ٣٣.

<<  <   >  >>