صحيح، فالعبادة توحيد الله عز وجل بالطاعة، والتذلل له بامتثال أمره، واجتناب نهيه {هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)} المشار إليه ترك عبادة الشيطان وإفراد الله بالعبادة {صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)} الصراط فسره المؤلف بالطريق، ولكن الصحيح أنه ليس مطلق الطريق صراطًا، بل الصراط هو الطريق الواسع المتساوي؛ لأنه مأخوذ من الصّرط أو من الزرط، والزرط كما نعلم هو ابتلاع الشيء بسرعة، ولا يكون الطريق طريقًا ذا سرعة إلا إذا كان واسعًا وكان سهلًا، وأما قوله: {مُسْتَقِيمٌ (٦١)} فهذا وصف له، والاستقامة تشمل اعتدال السير، وتشمل أيضًا انبساط الأرض، فإذا قدر أن الطريق يذهب يمينًا وشمالًا، لم يصح أن نقول: إنه مستقيم، وإذا كان فيه مرتفعات ومنخفضات فليس بمستقيم، لأن بعضه مرتفع وبعضه نازل، فالاستقامة معناها أنه خال من الانحراف يمينًا وشمالًا، وخالٍ من الاختلاف في ارتفاعه وانخفاضه وقوله: {صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)} أي: إلى الله عز وجل، والله سبحانه وتعالى أضاف الصراط إلى نفسه، وأضاف الصراط إلى خلقه فقال سبحانه وتعالى في سورة الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فأضاف الصراط إلى الذين أنعم الله عليهم، وقال: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} (١).
فإن قال قائل: كيف نجمع بين الإضافتين؟
فالجواب: نقول: أضاف الله الصراط إلى الذين أنعم الله