للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى يفسر بكلام الله تعالى، ويفسر بكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا دل سياق حديث أبي سعيد على ما دل عليه سياق الآية فإن الآية تفسر به، وحينئذ يكون القول الراجح أن المراد بالساق الذي جاء على وجه النكرة المراد به ساق الله عز وجل، ولكنه نُكر للتعظيم، لأن التنكير قد يراد به التعظيم.

فإذا قال قائل: الآية التي معنا في سورة "يس" {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} فهل تصفون الله بأن له أيدٍ كثيرة أم ماذا؟

نقول: الذي عليه أهل السنة أنه ليس لله إلا يدان اثنتان، وحينئذ نحتاج إلى الجمع بين هذا القول الذي دل عليه قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (١) وقوله: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ} (٢) وبين هذه الآية، {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} وإلى الجمع بينه وبين الإفراد الذي جاء في قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)} (٣) وما أشبه ذلك.

قال أهل العلم: الجمع بينهما متيسر - ولله الحمد - لأنه ليس في خلق الرحمن من تفاوت. ولا في كلامه من تفاوت أيضًا، فلا يتفاوت كلامه ولا يتناقض، كما لا يتناقض خلقه أيضًا، فالخلق منسجم بعضه مع بعض، وكذلك الشرع منسجم بعضه مع بعض. قالوا: إن المفرد المضاف يشمل؛ لأنه للعموم، ألم تر إلى


(١) سورة ص، الآية: ٧٥.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٦٤.
(٣) سورة الملك، الآية: ١.

<<  <   >  >>