للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن خالق السبب خالق للمسبب، فيضاف فعل العبد إلى الله من هذه الناحية، أي أن الله هو الذي أوجد فيه سبب الفعل، فصار بذلك فاعلًا. كما أن الإحراق مثلًا بالنار ينسب إلى النار، والذي أودع فيها هذه القوة هو الله عز وجل، فلذلك صار إحراق النار بفعل النار مباشرة، لكنه بتقدير الله سبحانه وتعالى خلقًا، وهذا الذي ذهب إليه أهل السنة والجماعة، هو المطابق للمنقول والمعقول والواقع؛ لأنه يجمع بين الأدلة الشرعية، ويصدق الأدلة الحسية. فالأدلة الشرعية إذا جمعتها من أطرافها وجدت أنها تنصب في طريق واحد، وهو الذي ذهب إليه أهل السنة والجماعة، ولولا هذا الاعتقاد لشُلت الحركة ولصار الإنسان اتكاليًّا لا يقول ولا يفعل، ولولا هذا الاعتقاد لم يلجأ الإنسان إلى ربه عز وجل في مهماته وملماته، فهو باعتبار أنه مريد فاعل، يتحرك ويعمل، وباعتبار أنه مخلوق مدبر، يرجع إلى الله عز وجل، فلا يكون اتكاليًّا، ولا يكون أنانيًّا. يعني أنه لن يستغني بنفسه عن ربه، ولن يكون اتكاليًّا يقول: إن قدر لي شيء صار، بل هو يعمل مستعينًا بالله معتمدًا عليه.

٣ - من فوائد هذه الآية الكريمة: أن لنا أن ننتفع بهذه الأنعام بالركوب، ولكن بشرط أن لا يكون في ذلك مشقة عليها، فإن كان في ذلك مشقة كان حرامًا؛ لأن المشقة تعذيب لها في غير محله.

٤ - ومن فوائد الآية الكريمة: جاز الاترداف على الدابة لعموم قوله: {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ} ولكنه مقيد بما أشرنا إليه أن لا يكون

<<  <   >  >>