للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمران، وفي مثل هذا التركيب يترجح النصب؛ لأن قوله: {أَحْصَيْنَاهُ} معطوف على قوله: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} فإذا جعلنا الواو حرف عطف والجملة فعلية {أَحْصَيْنَاهُ} صار المعطوف جملة فعلية على جملة فعلية، ولو رفعنا -والرفع هنا جائز- وقلنا: "وكل شيء أحصيناه" صار العطف هنا عطف جملة إسمية على جملة فعلية، والأنسب أن نعطف جملة فعلية على جملة فعلية؛ لأن تناسب الجملتين أولى من تضادهما. ولهذا نقول: إن النصب هنا أرجح، مع جواز الرفع لولا أنه في كلام الله ولا يغير لكان يجوز أن أقول: وكلُّ شيء أحصيناه، ولهذا لو قلنا: زيدٌ ضربتُه، يجوز أن أقول: "زيدًا ضربته" لكن الرفع أرجح؛ لأنه الأصل، ليس فيه جملة نعطف عليها، لكن لو قلت: "ضربت زيدًا وعمروٌ أكرمته" يجوز في "عمرو أكرمته" النصب ويجوز الرفع، لكن النصب أرجح؛ لتناسب الجملتين، نحن ذكر هذا على سبيل الاستطراد، ولكن القاعدة: إذا جاءت جملة فيها اشتغال فإن كانت ابتدائية، أو معطوفة على جملة إسمية فالراجح الرفع، وإن كانت معطوفة على جملة فعلية فالراجح النصب.

{وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} هل الذي يكتب الله عز وجل، أو الملائكة بأمر الله؟

الجواب: الملائكة بأمر الله لقوله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢)} (١).


(١) سورة الانفطار، الآيات: ٩ - ١٢.

<<  <   >  >>