للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ} ووقالوا: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (١٥)} هذا إسراف جاوز الحد.

ثانيًا: أنهم تطيروا بالرسل، وحقيقة الأمر أن الرسل عليهم الصلاة والسلام محل تفاؤل؛ لأن في اتباعهم الخير {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦)} (١) وهؤلاء تطيروا بالرسل وليسوا محل ليتطير بهم.

ثالثًا: أنهم توعدوا الرسل بالعدوان عليهم إذا لم ينتهوا عن دعوتهم إلى الله تعالى، وإبلاغهم رسالته، لقوله: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨)} فكل هذا من الإسراف.

وهو كذلك من العدوان أيضًا، ووجه ذلك:

أولًا: أنَّه لا يجوز للإنسان عقلًا أن يرد شيئًا بلا بينة، مع أن هؤلاء الرسل لا شك أنهم أتوا بآية تدل على صدقهم، ما بعث الله رسولًا إلَّا أعطاه ما على مثله يؤمن البشر.

ثانيًا: تطيرهم بالرسل، والحقيقة أن التطير من أعمالهم هم؛ لأن الرسل قالوا وصدقوا فيما قالوا: "طائركم معكم" فتطيرهم بالرسل قلب للحقيقة، لأن حقيقة الأمر أن التطير من هؤلاء.

الوجه الثالث: أنهم توعدوا الرسل {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨)}.


(١) سورة الأعراف، الآية: ٩٦.

<<  <   >  >>