وكان المنزل الذي ولد فيه يقع بالقرب من دار النحاس ولبث فيه إلى أن تزوج بأم أولاده، فسكن بقاعة جدها منكوتمر المجاورة لمدرسته "المنكوتمرية" داخل باب القنطرة بالقرب من حارة بهاء الدين واستمر بها حتى مات.
وبينا نجده لا يشير إلى تاريخ يوم ولادته، نلاحظ اختلافاً بين مترجميه في تحديدهم لتاريخ ذلك اليوم فذكره البقاعي والسيوطي في الثاني عشر من شعبان، وذكر ابن فهد وابن طولون: في الثالث عشر من شعبان كما ذكره ابن تغري بردي والسخاوي في الثاني والعشرين من شعبان على أن الشوكاني اعتبر مولده في الثاني من شعبان وهذا بعيد الاحتمال بسبب كونه متأخراً أخذ عن الذين سبقوه وفي هذه الحالة لا يؤمن التحريف.
ويظهر مما فات أن يوم مولد ابن حجر ينحصر ما بين الثاني عشر والثاني والعشرين من شعبان سنّة ٧٧٣هـ أي بين الثامن عشر من شباطو الثامن والعشرين منه من سنّة ١٣٧٢م.
نشأته وأسرته:
نشأ الحافظ ابن حجر يتيماً- كما عبر هو عن نفسه- إذ مات أبوه في رجب سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وماتت أمه قبل ذلك وهو طفل.
وقال:"تركني ولم أكمل أربع سنين، وأنا الآن أعقله كالذي يتخيل الشيء ولا يتحققه، وأحفظ عنه أنه قال: كنية ولدي أحمد أبو الفضل"، ولم يكن من يكفله، وكان والده قد أوصى قبل وفاته بولده اثنين من الّذين كانت بينه وبينهم مودّة ويبدو أن علياً كان حفيّاً بولده أحمد، فهو الذي كناه واصطحبه عندما حج وزار بيت المقدس وجاور، ويظن الحافظ ابن حجر أن أباه أحضره في مجاورته مجالس الحديث وسمع شيئاً ما، غير أن المنية اخترمته ولم يسعد بولده الذي صار له فيما بعد شأن عظيم.
وأصبح اليتيم في وصاية زكي الدين أبي بكر بن نور الدين علي الخروبي، ّ وكان تاجراً كبيراً بمصر، وورث مالاً كثيراً وأصبح رئيساً للتجار، كما أوصى به والده العلامة شمس الدين بن القطان الذي كان له بوالده اختصاصاً لكنه لم ينصح له في تحفيظه الكتب وإرشاده إلى المشايخ والاشتغال حتى أنه كان يرسل بعض أولاده إلى كبار الشيوخ ... ولا يعلمه بشيء من ذلك.
وقال عن ابن حجر: وكان له اختصاص بأبي فأسند إليه وصيته فلم يحمد تصرفه.
وتشير المصادر إلى أن نشأة الحافظ ابن حجر كانت برغم ذلك- في غاية العفة والصيانة والرياسة، وأن الخروبيّ المذكور لم يأل جهداً في رعايته والعناية بتعليمه فكان يستصحبه معه عند مجاورته في مكة، وظل يرعاه إلى أن مات سنّة ٧٨٧هـ وكان الحافظ ابن حجر قد راهق ولم تعرف له صبوة ولم تضبط له زلّة.