هذا هو ميزان الرجال، وهو ميزان توزن به معادنهم فيتميز الذهب من النحاس والفضة من الرصاص، وهذا الفن هو عماد السنة إذ به يتميز الصحيح من السقيم وبه ينكشف حال الضعفاء والكذابين من الرواة وإقامة النكير عليهم صيانة للدين وهو أمر واجب على المسلمين، والحفاظ على الشريعة فرض كفاية لقوله تعالى:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[التوبة ١٢٢] وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وقد دخل على النبي ثلاثة أحدهم أقبل عليه والآخر استحيا منه، والثالث أعرض عنه صلى الله عليه وسلم فقال لمن حوله:"ألا أخبركم عن الثلاثة؟ أما الأول فقد أقبل فأقبل اللَّه عليه، أما الثاني فاستحيا فاستحيا اللَّه منه، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه" ومن هنا يتبين لنا من أين أتى وجوب الجرح والتعديل، ولقد تكلم في هذا الفن خلائق لا يحصون منهم صاحبنا في كتابه "الكامل"