للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[جولة بين الرواية والرواة]

لا سبيل إلى معرفة شيء من معاني كتاب الله ورسوله إلا من جهة النقل بعد الحفظ فإنهما الطريقاًن الأمثلاًن للحفاظ على التراث وهو ما يسمى "بالصدور والسطور"، ولذا وجب أن نميز بين عدول النقلة والرواة وثقاتهم، وأهل الحفظ والتثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة؛ ليعرف أهل الصدق من أهل النفاق، وليميز الله الخبيث من الطيب، فينكشف حال أهل الكذب والغفلة والنسيان والغلط ورداءة الحفظ، وهؤلاء هم أهل الجرح فيسقط حديث من وجب أن يسقط حديثه ولا يعبأ به، ولا يعول عليه، ويكتب حديث من وجب كتابة حديثه منه.

وطبقات الرواة يمرون بمراحل ثلاث:

الصحابة١: أولئك الذين شهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وفقهوا دين الله وعرفوا أوامره ونواهيه فنصروه، وأقاموا مبانيه، وحافظوا على مراميه ومعانيه، سماهم اللَّه عدولاً كما قال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [سورة البقرة: ١٤٣] .

التابعون٢: خلفوا بعد الصحابة، وحفظوا عنهم، ونهلوا من دقيق أفهامهم، ونشروا ما تلقوه منهم من الأحكام والسنّة والآثار، وذكرهم الله في محكم التنزيل فقال: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [سورة التوبة:١٠٠] .

أتباع التابعين: وهم الخلف الأخيار، وأعلام الأقطار والأمصار، وأعلم الناس بالحلال والحرام: سكت الصحابة عن تأويل المتشابه فسلموا، وتأوله هؤلاء لحمايته من زيغ


١ المحققون من أهل الحديث، كالبخاري وأحمد بن حنبل على أن الصحابي هو "من لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مميز مؤمن به، ومات على الإسلام، طالت مجالسته له أو قصرت، روى عنه أو لم يرو، غزا معه أو لم يغز". وانظر بحثنا في مقدمة "الإصابة" للحافظ ابن حجر العسقلاني.
٢ قال الخطيب: التابعي من صحب صحابياً، ولا يكتفي فيه بمجرد اللقى، بخلاف الصحابي مع النبي صلى الله عليه وسلم ... ولذلك ذكر مسلم وابن حبان "الأعمش" في طبقة التابعين لأن له لقيا وحفظاً، رأي أنس بن مالك، وإن لم يصح له سماع "المسند" عنه ... وانظر بحثنا في مقدمة "الإصابة".

<<  <  ج: ص:  >  >>