وليّ الدين ثم نور الدين علي، وهو والد ابن حجر الذي انصرف من بينهم لطلب العلم أما إخوته فكانوا تُجاراً.
ويبدو من خلال سيرة نور الدين على أنه مع اشتغاله بالتجارة عكف على الدرس وتحصيل العلوم فتفقه على مذهب الإمام الشافعيّ وحفظ الحاوي الصغير، وأخذ الفقه عن محمد بن عقيل وأجازه، وسمع من أبي الفتح بن سيد الناس وطبقته وله استدراك على الأذكار للنووي فيه مباحث حسنة، وعدّة دواوين شعر منها ديوان الحرم فيها مدائح نبوية، وكان معنياً بالنظم ذا حظ جيّد في الأدب.
وقال ابن حجر عن أبيه:"لم يكن له بالحديث إلمام ونظمه كثير سائر" ووصفته المصادر بالعقل والدّيانة والأمانة ومكارم الأخلاق، وصحبة الصّالحين، ونوّهت بثناء ابن القطان وابن عقيل والوليّ العراقي عليه، وناب في القضاء، وأكثر من الحج والمجاورة وصنف، وأجيز بالإفتاء والتدريس والقراءات السبع وتطارح مع ابن نباتة المصري والقيراطي، وتبادل معهما المدائح.
كان مولده في حدود سنة ٨٢٠ هـ في رجب سنة ٧٧٧ هـ.
أما والدته فهي تجار ابنة الفخر أبى بكر بن شمس محمد بن إبراهيم الزفتاوي، أخت صلاح الدّين أحمد الزفتاوي الكارمي صاحب القاعة الكائنة بمصر تجاه المقياس.
وكانت له أخت، ترجم لها في "إنباء الغمر" و"المجمع المؤسس" وهي ست الركب بنت علي بن محمد بن محمد بن حجر، وكانت قارئة كاتبة أعجوبة في الذكاء، أثنى عليها وقال:"كانت أمي بعد أمي، أصبت بها في جمادى الآخرة من هذه السنّة" أي سنة ٧٩٨هـ.
وذكر السّخاوي تحصيلها الثقافي وإجازتها، وزواجها، وأولادها كما ذكر الحافظ ابن حجر شيوخها وإجازتها من مكة ودمشق وبعلبك ومصر وقال: "وتعلّمت الخط وحفظت الكثير من القرآن، وأكثرت من مطالعة الكتب فمهرت في ذلك جدّاً ... وكانت بي برة رفيقة محسنة، وقد رثاها أخوها الحافظ ابن حجر في قصيدة، وكان له أخ من أمه اسمه عبد الرحمن بن الشهاب أحمد بن محمد البكري، ترجم له في إنبائه وقال: إنه مهر وحصّل مالاً أصله من قبل أمه- وهي والدتي- فقدر اللَّه موته فورثه أبوه.
تزوّج الحافظ ابن حجر عند ما بلغ عمره خمساً وعشرين سنة، وذلك في سنّة ٧٩٨ من أنس ابنة القاضي كريم الدين عبد الكريم بن عبد العزيز ناظر الجيش، وتنتمي أنس إلى أسرة معروفة بالرئاسة والحشمة والعلم.
وكان ابن حجر حريصاً على نشر الثقافة والعلم بين أهل بيته وأقاربه كحرصه على نشر العلم بين الناس، وسيتضح ذلك في دراسة جهوده في التدريس وعقده لمجالس الإملاء.