للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جهاد أو علم أو نحو ذلك من المندوبات أو المباحات. إذا فهمت ذلك، تجلت لك أهداف الرحلة عند المحدثين، واتضحت لك فيما يلي:

١- تحصيل الحديث: وذلك من أهم أسباب الرحلة خصوصاً في العهود الأولى للإسلام، ومنه جاءت رحلات الصحابة والتابعين وتفرقهم في الأمصار.

وقد كان الخلفاء رضي الله عنهم يرسلونهم إلى البلاد دعاة ومعلمين كابن مسعود في العراق وأبى الدرداء في الشام.

وانتشر علم الصحابة في التابعين، وتفرق بينهم فاحتاج العلماء إلى تحصيله من صدور حملته مباشرة استكمالاً لعلم السنّة النبوية فضربوا المثل العليا حتى رحلوا في طلب الحديث الواحد.

٢- التثبت من الحديث: وهو مقصد الصحابة رضي اللَّه عنهم في رحلاتهم والتابعين، وقد يكون عند المحدث أحاديث يرويها فإذا رحل سمع أحاديثه بأسانيد تلتقي مع إسناده وتتفق مع رواياته أو معناها فيطمئن المحدث، ويتقوى الحديث عنده إن كان فيه ضعف بتعدد الطرق أو يزداد صحة إن كان من قبل صحيحاً أو يسقط حديثاً كان يظن قبل رحلته صحيحاً.

٣- طلب العلو في السند: ومعنى العلو قلة الوسائط في سند الحديث مع اتصال السند، وكيفية حصول العلو بأن يسمع المحدث حديثاً من راوٍ عن شيخ موجود فيذهب المحدث إلى الشيخ ويسمعه منه مشافهة فيقل بذلك عدد وسائط النقل في السند١.

٤- البحث عن أحوال الرواة: معرفة أداء الراوي للحديث هو المقصد الأسمى الذي عليه مدار هذا العلم، ومن أجله بذلت كل الجهود، ووضعت قواعد النقد فكان لا بد من تقصي أحوال الرواة وأخبارهم حتى يتميز المقبول من المردود.

٥- مذاكرة العلماء في نقد الأحاديث وعللها: وهو فن جليل يحتاج إلى عمق النظر، وتقصي الأسانيد والروايات وذلك لا يتم إلا بالمجالسة والمدارسة، ولقاء أساتذة هذا الفن وأساطينه.

قال الخطيب البغدادي: ولو كان المتصل والمرسل واحداً لما ارتحل كتبة الحديث، ولما تكلفوا مشقة الأسفار، وشد الرحال إلى ما بَعُدَ من الأمصار والأقطار للقاء العلماء والسماع منهم.


١ انظر: "الرحلة في طلب الحديث" بتحقيق نور الدين عز ١٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>