للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ بَخِيلٌ؛ وَلَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي، إلَّا مَا أَخَذْت مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ، قَالَ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا سُفْيَانَ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَمَّا يَابِسًا فَلَا، وَأَمَّا رَطْبًا فأحله، قال عروة: لحدثتني عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: "خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ" ١.

وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ أَيْضًا تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِهَذَا السِّيَاقِ.

قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا؛ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الرَّاوِي مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَنَسَبَهُ ابْنُ حِبَّانَ إلَى الْوَهَمِ، وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَوَّلًا أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، وَفِي آخِرِهِ أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا، فَيُحْمَلُ -إنْ صَحَّ- عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إلَيْهِ فَجَاءَ، فَقَالَ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" مِنْ طَرِيقِ فَاطِمَةَ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ؛ أُخْتِ هِنْدَ، أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ ذَهَبَ بِهَا وَبِأُخْتِهَا هِنْدَ تُبَايِعَانِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اشْتَرَطَ عليهن، قالت هند: أو تعلم فِي نِسَاءِ قَوْمِك مِنْ هَذِهِ الْهَنَاتِ شَيْئًا، فَقَالَ لَهَا أَبُو حُذَيْفَةَ: بَايِعِيهِ؛ فَإِنَّهُ هَكَذَا يَشْتَرِطُ٢.

وَرَوَاهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ "الِامْتِحَانِ" مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ أَيْضًا، وَفِيهِ: "فَقَالَتْ هِنْدُ: لَا أُبَايِعُكَ عَلَى السَّرِقَةِ؛ إنِّي أَسْرِقُ مِنْ زَوْجِي، فَكَفَّ حَتَّى أَرْسَلَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ يَتَحَلَّلُ لَهَا مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَمَّا الرَّطْبُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الْيَابِسُ فَلَا، وَلَا نِعْمَةَ، قَالَتْ: فَبَايَعْنَاهُ"٣، وَسَاقَ السُّهَيْلِيُّ فِي "الرَّوْضِ" هَذِهِ الْقِصَّةَ عَلَى خِلَافِ هَذَا، فَيُنْظَرُ مِنْ أَيْنَ نَقَلَهُ.

ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي "مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ"؛ وَأَنَّهُ بايعهن [وهو] ٤ عَلَى "الصَّفَّا"، وَهُوَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُهُنَّ عَنْهُ، وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ سُؤَالَهَا عَنْ النَّفَقَةِ كَانَ حَالَ الْمُبَايَعَةِ، وَلَا أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ شَاهِدًا لِذَلِكَ مِنْهَا، وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ قَطْعًا، وَلَكِنَّ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْأَحَادِيثِ هَلْ شَهِدَ الْقِصَّةَ حَالَةَ الْمُبَايَعَةِ، أَوْ لَا، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

١٧٤٩- حَدِيثُ: "لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَحْرَمٌ لَهَا"، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: "لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ مِنْ الدَّهْرِ، إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا، أَوْ زَوْجُهَا"، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، إلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا، أَوْ أَخُوهَا، أَوْ ابْنُهَا، أَوْ زَوْجُهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا"٥، وَهُوَ


١ ذكره الحافظ في "الإصابة" [٨/ ٣٤٧] ، في ترجمة هند بنت عتبة وعزاه إلى ابن منده.
٢ أخرجه الحاكم [٤/ ٦٧] ، وسكت عنه هو والذهبي.
٣ أخرجه الحاكم [٢/ ٤٨٦] .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
٤ سقط في ط.
٥ أخرجه أحمد [٢/ ١٣، ١٩، ١٤٢، ١٤٣] ، والبخاري [٣/ ٢٧٤] ، كتاب تقصير الصلاة: باب من كم يقصر الصلاة، وسمى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً وليلة سفراً، حديث [١٠٨٦] ، =

<<  <  ج: ص:  >  >>