للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أرباب هذا الفن النادر حتى قال شعبة: كنت أفرح بهذه النخبة من الرجال فصرت اليوم ليس شيء أبغض إليّ من أن أرى واحداً منهم، يقول ابن عتبة موجهاً كلامه لهؤلاء: "لو رآنا عمر وإياكم لأوجعنا ضرباً".

وقد ضربت لك مثلاً من المبطلين لتعرف المحقين وليتميز الخبيث من الطيب والغث من السمين، ولتعلم أن أعداء الإسلام يريدون أن يقبحوا وجه الإسلام ويشوهوا صورته من خلال هذه الفئة الدخيلة على كل فن من فنون العلم، وكل شعبة من شعب هذا الدين الذي اختاره اللَّه لإسعاد البشرية في الدنيا والآخرة.

هذه عجالة فيما يقال عن أهل الحديث، أما المتكلمون الذين قدموا العقل على الشرع حتى تطرفوا في تأويل النصوص متبعين ما تشابه منها، فقد أعرضوا عن كتب السنّة والتهموا كتب الفلسفة اليونانية يعتبرون أرسطو وأفلاطون وسقراط مثلاً عالياً لفكرهم حتى جرهم ذلك إلى طعن بعض الصحابة منتهزين فرصة قربهم من الخلفاء، وأخذهم بزمام الوزارة والقضاء، فانتقموا من جمهور الأمة عامة ومن أهل الحديث خاصة، ولا يغرنك ما ترى من اجتماعهم في ظاهر صورتهم، فإن الباطل ظلمات متعددة والحق نور واحد لا يتعدد كذلك تراهم مختلفين فيما بينهم فيكفر بعضهم بعضاً، ويفسق أو يبدع كل منهم من خالفه {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [الحشر: ١٤] وهكذا تراهم قد اكتالوا بالكيل الذي كالوا به لغيرهم فرد الله كيدهم في نحورهم ولم تقم لهم قائمة من ذلك الوقت إلى يومنا هذا ففي مثل هؤلاء وهؤلاء من الفرق المارقة قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر عشرين مرة: "كلما خرج منهم قرن قطع" ١ يكررها على مسمع من هذا الصحابي الجليل.

وخلاصة القول في قضية خلق القرآن أن ما بين دفتي المصحف مخلوق حيث الطاعة والكتابة والقراءة بألسنة الخلق، والألفاظ التي تتلى بأصواتهم، أما القرآن فهو كلام الله وكلام اللَّه صفة وصفته قديمة بقدمه سبحانه- فكيف يخلق صفة من صفاته وقد اتصف بها ليست عين ذاته ولا هي غيره تعالى الله عن ذلك كله علواً كبيراً، ولعلك أيها القارىء وقفت على رأي أهل السنّة والجماعة فيما أوضحته لك بالبراهين الساطعة والأدلة القاطعة حتى لا يلتبس عليك الأمر أو يغرنك قول خصم غرّ أرشدني اللَّه وإياك.


١ أخرجه: ابن ماجة مقدمة ١٢/حدث ١٧٤، وأحمد في "المسند" ٢/٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>