للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدث عنه ما لم يقل ولم يبال بقوله صلى الله عليه وسلم: "من كذب عليّ معتمداً فليتبوأ مقعده من النار" ١ ومما ساعد على فشو الزندقة في القرن الثالث شيوع الأبحاث الفلسفية، وكثرة الجدل في المسائل الأساسية في الدين، وإسناد السلطة إلى الموالي من الفرس الذين أظهروا مذاهبهم القديمة ومساندة من يتظاهر بها، وبدت تعاليم المجوسية تطل برأسها، والمانوية والقول بالتجسيم على يد الكرامية الذين زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن المجسم المبتدع الراحل من خراسان إلى الشام محمد بن كرام: "يجيء في آخر الزمان رجل يقال له: محمد بن كرام يحيي السنّة والجماعة هجرته من خراسان إلى بيت المقدس كهجرتي من مكة إلى المدينة"٢.

تلك هي آثار التعصب للجنس في وضع الحديث، وأظن أنه لا يخفى عليك ما تلمحه من خلالها من معاني الإلحاد في الدين والدعوة إلى التحلل من قيود الشريعة الإسلامية الغراء والتمرد على أحكامها تلك الملة الحنيفية السمحاء.

والحق أن الخلفاء العباسيين قد قاوموا هذه الحركة المتمردة أو الردة المقنعة فأخرسوا ألسنّة دعاتها ومنعوا تداول كتب الفلسفة، على يد المعتضد الخليفة العباسي الذي بويع له سنّة ٢٧٩ هـ فأصدر أوامره بمنع القصاص والمنجمين من الجلوس في المساجد والطرقات.

بقول ابن قتيبة رحمه الله: الحديث النبوي الشريف تدخله الشوائب ويعتريه الفساد من وجوه ثلاثة:

الزنادقة، والقصاص أرباب المناكير والغرائب والأكاذيب، والأخبار الجاهلية القديمة. اهـ ملخّصاً٣.


١ أخرجه: البخاري ٣/١٩١، كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت ٢٩١، ومسلم ١/١٠، المقدمة: باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم٤/٤.
٢ ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" ٢/٥٠، وابن عراق ٢/٣٠، وعزاه للجوزقاني وابن النجار والشوكاني في "الفوائد" ٤٢٠.
٣ انظر: "الحديث والمحدثون" ص٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>