يجمع المحدث في ترجمة كل صحابي ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث صحيحة وسقيمة وإن اختلفت موضوعاتها، ولهم في ترتيب أسماء الصحابة طرق مختلفة فمنهم من يرتبها على القبائل فيقدم بني هاشم ثم الأقرب فالأقرب نسباً من النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يرتبها على السابقة في الإسلام فيقدم العشرة المبشرين بالجنة ثم أهل بدر ثم الحديبية ثم من أسلم وهاجر بين الحديبية والفتح ثم من أسلم يوم الفتح ثم أصغر الصحابة سناً ثم النساء ومنهم من لم يراع شيئاً من ذلك.
وهذه الطريقة توقع المطلع على هذه المسانيد في حيرة حيث لا يستطع الوقوف على درجة الحديث فيستوي عنده الصحيح والضعيف.
وهذا الأمر وإن كان أغلبياً إلا أنه لا يمنع من أن بعضهم جمع ترتيب الأحاديث إلى جانب أسماء الصحابة الترتيب على أبواب الفقه كما في المسند الكبير لبقي بن مخلد والمسند الكبير ليعقوب بن شيبة، فالأول رتب حديث كل صحابي على أبواب الفقه والثاني ألف مسند معللاً فجمع في كل حديث طرقه وائتلاف الرواية فيه.
الطريقة الثالثة: التصنيف على الأبواب: وهو التخريج على أحكام الفقه وتنويعه، وجمع ما ورد في كل حكم وكل نوع في باب بحيث يسهل التمييز بين ما يتعلق بالصلاة عما يتعلق بالصيام. ومنهم من اقتصر في الأحاديث على "الصحيح" كالبخاري ومسلم وهما أصح الكتب بعد كتاب الله، ومنهم من لم يقتصر على ذلك كأبي داود والترمذي والنسائي.
وكان رائد هذه الطريقة المثلى شيخ المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري "ت ٢٥٦هـ".
ويعتبر القرن الثالث الهجري من أجل عصور الحديث وأسعدها بتدوين الحديث وتقريبه على طالبيه.
وما كاد ينتهي هذا القرن حتى وجدنا أن عمل العلماء أصبح قاصراً على الجمع والترتيب أو التهذيب لكتب السابقين كالجمع بين "الصحيحين" أو بين الكتب الستة أو الجمع بين أحاديث من كتب مختلفة كـ"مصابيح السنّة" للبغوي "ت ٥١٦ هـ"، و"جامع المسانيد والألقاب" لأبي الفرج بن الجوزي "ت ٩٥٧ هـ"، و"منتقى الأخيار" لابن تيمية "ت ٤٥٨هـ".
ومن علماء هذا القرن من اهتم بأطراف الحديث كأطراف "الصحيحين" للحافظ الدمشقي "٤٠٠ هـ" وأطراف السنّة الأربعة لابن عساكر "ت ٤٣٠هـ" وأطراف الكتب الستة لمحمد ابن طاهر المقدسي "ت ٥٠٧ هـ" الذي لخصه الحافظ شمس الدين محمد بن علي بن الحسين الحسيني الدمشقي "ت ٧٦٥ هـ" ورتبه أحسن ترتيب.