للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجمهور الأئمة على أن الجرح المفسر مقدم على التعديل ولو كان عدد الجارح أقل من المعدل. وهذا النوع من السلوك يأخذ به مجمع اللغة العربية بجمهورية مصر العربية حين يقدم لأعضائه كتاباً من الكتب لطبعه ونشره فتكتب عنه اللجنة تقريراً كل على حدة فإذا عدله الجميع وجرحه واحد رفض الكتاب وما أجمل أن تعيش سنّة نبينا هكذا.

وقال البعض: إذا زاد عدد المعدلين على المجروحين قدم التعديل، وهذا القول وإن ضعف لكنه المتجه حتى الآن. وقال السبكي في قاعدته في الجرح والتعديل: لا يفهم هذه القاعدة على إطلاقها فإننا لو أطلقنا تقديم الجرح لما سلم لنا أحد من الأئمة إذ ما من إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون، وهلك فيه هالكون، اهـ١.

قلت: والأصل العدالة والجرح طارىء والعصمة محالة إلا في نبي أو أمة مجتمعة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" ٢ وحتى لا يذهب غالب أحاديث الشريعة، وإحسانك الظن بالراوي المستور أولى من تجريحه، والحكمة من تضعيف بعض الأحاديث نوع من الرحمة بالأمة إذ لو صحت كلها لوجب العمل بها وهو تكليف بما لا يطاق، واللَّه لم يكلفنا ذلك، ثم إن الحديث الضعيف قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن بسند ضعيف، فالحديث يقوى نوره بصحة سنده، ويضعف نوره بضعف سنده، والله أعلم.


١ قاعدة في الجرح والتعديل ١٣، ١٤.
٢ أخرجه: الترمذي في أبواب الفتن: باب ما جاء في لزوم الجماعة ٤/٤٦٦ "٢١٦٧"، قلت: وفي إسناده سليمان بن سفيان، وقد ضعفه الأكثرون، وقد رواه أيضا الحاكم من حديث خالد بن يزيد، وقال: ولو حفظه خالد لحكمنا بصحته انظر "مستدرك" الحاكم ١/١١٥، ورواه ابن ماجة ٢/١٣٠٣ "٣٩٥٠" من حديث الوليد بن مسلم وفيه معان بن رفاعة. وانظر: تخرجنا للحديث في تحقيقنا على كتاب "نفائس الأصول في شرح المحصول".

<<  <  ج: ص:  >  >>