ألا ترى أنه لو جامع بعد الوقوف بعرفة: لم يفسد عليه حجه مع بقاء طواف الزيارة، فصار ذلك أصلًا في أن كل ما تعلق بالإحرام من الأفعال: فحكم أكثره حكم جميعه في باب الجواز، وامتناع ورود الفساد عليه.
[مسألة:]
قال:(وإذا توجه القارن إلى عرفة قبل أن يطوف لعمرته، فإن أبا حنيفة كان يقول: قد صار بذلك رافضًا لعمرته حين توجه، وعليه لرفضها دم، وعمرة مكانها، ويمضي في حجته.
وقال أبو يوسف ومحمد: لا يكون رافضًا لعمرته حتى يقف بعرفة لحجته بعد زوال الشمس).
قال أبو بكر أحمد: هذا الخلاف الذي ذكره لا نعرفه، وإنما نعرف عن أبي حنيفة فيها روايتين: فأما في رواية "الجامع الصغير"، و"الأصل"، فإنه لا يكون رافضًا بالتوجه، حتى يقف بعرفه بعد الزوال.
وروى أصحاب الإملاء عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: أنه يكون رافضًا بالتوجه.
ووجه رواية الأصل التي لا تجعله رافضًا فيها: أن توجهه إلى عرفات ليس بنسك في نفسه، فهو كتوجهه إلى سائر الآفاق، وإنما الذي ينافي بقاء إحرام العمرة، حصول فعل الحج، وليس التوجه من أفعال الحج.