قال الله تعالى:{ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون}، يعني لا تقصدوا.
وقال الشاعر: وإن تك خيلي قد أصيب صميمها ... فعمدا على عين تيممت مالكا
يعني قصدته.
وإنما أوجبنا فيه النية؛ لأن اللفظ يقتضيها.
فإن قيل: إنما أمر بالقصد إلى التراب، وليس في قصده إلى التراب ما يوجب نية التيمم للطهارة.
قيل له: قد اقتضت الآية إيجاب نية، وقد اتفق الجميع على أن قصده إلى التراب من غير نية التيمم غير واجب، فوجب أن تكون النية المذكورة في الآية هي نية الطهارة.
وأيضا: فمعلوم أنه لم يرد القصد إلى الفعل فحسب من غير أن يراد به الطهارة؛ لأن فعل الذاكر لا يقع إلا بقصد، فعلم أنه لم يرد القصد الذي تتعلق به صحة وقوع الفعل على وجوده؛ لأنه لو أريد ذلك صار كأنه قال: لا يتيمم ناسيًا أو ساهيًا أو نائمًا، أو ما جرى مجرى الأفعال الواقعة من غير قصد، فلما بطل ذلك، علم أنه أراد النية للطهارة.
فهذا سؤال ساقط عنا على ما قدمنا من دلائل الآي والسنن.