*وأما قوله: إنه يجب أن يكون في حكمه، لأنهما طهارتان: فمنتقض، لأن غسل النجاسة من الأبدان والثياب طهارة، وليس شرطه وجود النية، ومن الفصل بينهما أن النية تدخل لتمييز الأفعال المتفقة، أو
لاختلاف أحكام الأفعال، فلما كان الوضوء من جميع الأحداث وضوء واحدًا، لا يختلف فعله في نفسه، ولا حكمه فيما وقع له، لم يفتقر في صحته إلى نية، كغسل النجاسة.
*ولما كان التيمم قد يتفق فعله ويختلف حكمه، بأن يقع تارة عن الجنابة، وتراة عن الحدث، وهو في الحالين بصورة واحدة، احتيج فيه إلى نية للتمييز بينهما، لاختلاف حكمه.
وأيضًا: الماء طهور بنفسه، فلا يحتاج إلى انضمام النية إليه في تطهيره، والتراب في نفسه ليس بطهور، فاحتاج إلى انضمام النية إليه في كونه طهورًا.
وأيضًا: لما اتفقنا على سقوط النية في غسل النجاسة، وستر العورة، وجب أن يكون الوضوء مثلهما، والعلة الجامعة بينهما: أن كل واحد منهما سبب من أسباب الصلاة لا على وجه البدل، ولا يلزم عليه التيمم؛ لأنه بدل.
فإن قيل: لما جاز وقوع الطهارة تارة تطوعًا، وتارة فرضًا، احتيج فيه إلى نية التمييز.
قيل له: وقد يقع غسل النجاسة تارة نفلًا، وتارة فرضًا، ولا يحتاج إلى نية، فهذا منتقض.