فأما وجه قول أبي يوسف في مسألة أبي جعفر التي ذكرها فيما أحيي بنهر من أرض الخراج: فلأن النهر إذا كان من أرض الخراج، فقد ثبت الحق فيه لكافة المسلمين، كما ثبت في الأرضين أنفسها، فلا ينتقل عنه.
ألا ترى أن المسلم إذا اشترى أرض الخراج، لم تنتقل عن الخراج إلى العشر، كذلك ما أحيي بماء الخراج.
ووجه قول محمد: أن هذه الأودية العظام غير مملوكة لأحد، فهي غير مظهور عليها، ولا مظهور عليها، ولا اعتبار بكونها في أرض الأعاجم أو غيرها، وإنما الواجب اعتبار حال المحيي لها، فإن كان مسلما: فعليه العشر، وإن كان ذميا: فعليه الخراج.
ويدل عليه: أن أرض البصرة عشرية، وإنما أحييت في زمن الصحابة بماء دجلة، وجعلوا فيها العشر، فصار ذلك أصلا في نظائره.
*وأما ما أحيي من الأرضين ببئر أو قناة، استخرجها المحيي، فإن محمد جعلها أرض عشر في أي موضع كانت، من قبل أنه لم يتقدم في الموضع، ولا في الماء الذي أحيي به وجوب حق لأحد، وإنما يحتاج إلى أن يبتدئها الآن بالحق، وهو مسلم، والحق الذي يبتدأ به المسلم هو العشر؛ لأنه صدقة، ولا يبتدأ المسلم بالخراج؛ لأنه فيء.