وأيضًا: فإنه معلوم "إقرار النبي صلى الله عليه وسلم قومًا من النصارى واليهود في دار الإسلام على ذمة"، وقد كان يعلم لا محالة أنهم يستبيحون من مناكحاتهم كثيرًا مما هو محظور في شريعة الإسلام، فلم يعترض عليهم في شيء منها، فدل على أنهم مقرون عليها، ما لم يرتفعوا إلينا.
فإن قال قائل: فقد منعتهم الزنى والسرقة ونحوها.
قيل له: أما الزنى فلا نعلم أحدًا يستبيحه من أهل الملل، وكذلك السرقة أيضًا، فإن فيه إظهار الفساد في دار الإسلام، وهم ممنوعون منه، لما فيه من الضرر على لمسلمين.
فإن قيل: قد منعتهم الربا، وسائر البيوع الفاسدة.
قيل له: لأن لذلك أصلًا آخر قد ثبت بالسنة، فرددناه إليه، وهو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنه كتب إلى نصارى نجران: إما أن تذروا الربا، وإما أن تأذنوا بحرب من الله ورسوله"، فصار ذلك أصلًا في البياعات.
وقال الله تعالى:} فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم