فإن قال قائل: قال الله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم}، والطلاق بعد الخلوة مثل الوطء يطلق.
قيل: المسيس هو المس باليد، فلو خلا بها، ومسها بيده: استحقت كمال المهر بعد الطلاق بالظاهر، فتستحقه أيضا وإن لم يمس؛ لأن أحدا لم يفرق بينهما.
وأيضا: روي عن علي وعمر رضي الله عنهما أن المراد بالمسيس: الخلوة، فكان المسيس عندهما اسما للخلوة، فلزم اعتبارهما؛ لأنهما حجة في اللغة.
وأيضا: هو القرب مع ارتفاع الموانع، قال الله تعالى:{فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس}، يعني والله أعلم: لا قرب، وتقول: بيني وبين فلان رحم ماسة، يعني: قريبة.
وأيضا: قد اتفق الجميع على أن المواد ليس هو حقيقة اللفظ؛ لأن قائلا يقول: الجماع، وآخر يقول: الخلوة، فصار اللفظ مجازا بالاتفاق، فاحتاج إلى دلالة من غيره في إيجاب الحكم؛ لأن المجاز لا يستعمل إلا في موضع تقوم الدلالة عليه.