*ودليل آخر من طريق النظر: وهو أم مهر المثل لما كان واجبا بالعقد، وجب أن يؤكده الموت، كالمسمى لما وجب بالعقد، أكده الموت، ولم يسقط منه شيئا.
والدلالة على أن مهر المثل يستحق بالعقد من وجوه:
أحدهما: أن الزوج قد ملك البضع بالعقد لا محالة، وغير جائز استباحة البضع بغير بدل، فإذا
قد ملك عليه البدل من ملك، هو المبدل عنه.
وجهة أخرى: وهي أنهما لو ارتفعا إلى القاضي، لحكم لها بمهر المثل قبل الدخول، ولولا أنها
قد استحقته، ما حكم لها به، لأن القاضي لا يبتدئ إثبات شيء لم يستحق إثباته قبل حكمه.
وأيضا: فإن لها أن تمنعه نفسها حتى تستوفي مهر المثل، فلولا أنها قد استحقته، لما كان لها منع نفسها منه.
وأيضا: لو دخل بها لاستحقته استحقاقا صحيحا، فمعلوم أن الدخول تصرف في بضع ملك استباحة قبل ذلك، وتصرف الإنسان فيما يملكه لا يوجب عليه البدل.
ألا ترى أن قبض المشتري للمبيع، وتصرفه فيه لا يوجب عليه بدلا؛ لأنه تصرف في ملكه، وكذلك الدخول لا يوجب المهر في العقد الصحيح، فدل على أنها قد كانت استحقت المهر بالعقد، لا بالدخول.
وإذا ثبت ذلك: لم يختلف حكمه وحكم المسمى في باب استحقاقهما جميعا بالموت، والمعنى الجامع بينهما: أن كل واحد منهما مستحق بالعقد، فالموت فيهما بمنزلة الدخول.
فإن قال قائل: لو كان كذلك، لوجب أن لا يسقط مهر المثل بالطلاق