مما كان هذا وصفه من الألفاظ، فإن الإيقاع متعلق به بوجود اللفظ من مكلف.
والثاني: وقوع الطلاق بالكنايات التي تصح أن تكون عبارة عن الطلاق، نحو قوله: أنت خلية، و: برية، و: بتة، و: بائن، و: حرام، ونحوها من الألفاظ التي هي كنايات عن الطلاق، من حيث كان اللفظ مفيدًا للبينونة، والتحريم، وقطع الزوجية، ونحو ذلك.
والثالث: قوله: اعتدي، و: استبرئي رحمك، و: استري، و: تقنعي، وما جرى مجرى ذلك، فإن هذه الألفاظ ليست كناية عن الطلاق نفسه، وإنما الطلاق مدلول عليه باللفظ؛ لأن الطلاق لما تعلق به وجوب العدة، صار قوله: اعتدي: دلالة على الطلاق، لا أن العدة نفسها طلاق، ولا عبارة عنه، وكذلك استبراء الرحم، وكذلك الاستتار، والتقنع، والخروج، ونحوها، وإنما الطلاق مدلول عليه باللفظ، غير ملفوظ به، ولا بما هو كناية عنه.
والرابع: ما ليس بكناية، ولا مدلول عليه باللفظ، وإنما يقع به من طريق الحكم، وهو قوله: اختاري؛ لأن التخيير ليس من ألفاظ الطلاق، ولا هو مدلول عليه به، ألا ترى أنه لو قال لها: اختاري، أو قال: قد خيرتك، ونوى به إيقاع الطلاق: لم يقع به شيء، ما لم تقل هي: قد اخترت نفسي، أو طلقتها، ومن أجل ذلك لم يوقعوا به الثلاث وإن أراد بها.