للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال لسودة: اعتدي، ثم راجعها"، فدل ذلك على معنيين:

أحدهما: أن قوله: اعتدي: ليس بكناية عن الطلاق، ولا عبارة عنه، وإنما الطلاق مدلول عليه باللفظ، فصار ذلك أصلًا في إيقاع الطلاق بالألفاظ الدالة عليه، نحو قوله: استبرئي رحمك، و: اخرجي، و: اذهبي، و: حبلك على عاتقك، ونظائرها من الألفاظ.

والمعنى الثاني: أن اللفظ الذي ليس فيه دلالة على البينونة، لا يوجب البينونة؛ لأن لفظ العدة ليس من ألفاظ البينونة، ولا هو دلالة عليها؛ لأن العدة تجب في الطلاق الرجعي كوجوبها من البائن، فإذا لم يخص اللفظ بالبينونة، لم يجب إيقاع البينونة بها، فمن أجل ذلك قلنا في قوله: استبرئي رحمك: إنه رجعي؛ لأن استبراء الرحم، هو العدة في مثل ذلك، فصار كقوله: اعتدي.

* وقوله: أنت واحدة: كناية عن الطلاق نفسه، والمعنى فيه: أنت طالق تطليقة واحدة، ومع ذلك فليس في اللفظ دلالة على البينونة.

ولا يقع به إلا رجعيًا؛ لأن الواحدة لا تختص بالبينونة، ولا يدل عليها، لأن الواحدة تكون بائنًا، وتكون رجعيًا، فلم يجز إيقاع البينونة بها، فهو في هذا الوجه بمنزلة قوله: اعتدي وإن خالفه في موضوع معنى اللفظ؛ لأن الطلاق مدلول عليه في قوله: اعتدي، ويكنى عنه في قوله: أنت واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>