فإن قيل: فقوله: اعتدي: ليس من ألفاظ الطلاق، فلم لا نصدقه على نفي إرادة الطلاق في حال الغضب؟.
قيل له: إنما اختلفنا من جهة أن قوله: اعتدي: فيما يتعلق به من حكم الطلاق، بمنزلة صريح الطلاق، ألا ترى أنه لا يقع به إلا رجعي، وليس كذلك سائر ما وصفنا.
وأيضًا: فإن قوله: اعتدي: قد وردت به السنة في إيقاع الطلاق به، ولم ترد في سائر ما ذكرنا من الألفاظ.
وأيضًا: فإن دلالة: اعتدي: على الطلاق، أظهر من دلالة اللفاظ التي ذكرنا؛ لأن العدة موجبة عن الفرقة، مختصة بها.
والتقنع، والاختمار، والتستر، لا تدل بأنفسها على الطلاق، إذ ليست مختصة بها.
وأيضًا: فإن هذه الألفاظ قد تحتمل معاني غير الطلاق مع ذكر الطلاق والغضب، وهو الإقصاء، والإعراض، بأن يقول لها: اخرجي: على جهة الطرد والإبانة، و: استتري: يريد به الإعراض عنها في ترك النظر إليه، فصدق من أجل احتمال اللفظ لذلك على ما أراد.