فإن ألزموا ذلك، وقالوا: يفرق بينهما إذا عجز عن المهر.
قيل لهم: هذا خلاف الاتفاق، فإن فقهاء الأمطار متفقون على أن العجز عن المهر لا يوجب التفرق.
وعلى أن جهة استدلالنا مع ذلك صحيحة، لأن الجميع متفقون على أنها لو كان لها عليه دين من غير المهر، فعجز عنه: لم يفرق بينهما من أجله، فكذلك المهر، والنفقة.
والمعنى في ذلك كله: أنه مال، فلا يستحق البضع من أجله. ودليل آخر: وهو أنه لا يخلو وجوب التفريق من أن يكون متعلقا بالماضي، أو بالحال، أو بالمستقبل:
فإن كان للماضي: فقد اتفقوا على أنه لو عجز عما لزمه للماضي، وهو قادر على نفقة الحال، لم يفرق بينهما، ولأن الماضي كسائر الديون، فلا يستحق البضع من أجله.
ولا يجوز أن يكون للمستقبل؛ لأنها لم تجب بعد، فإذا لم يفرق للواجب الماضي، فللمستقبل أحرى أن لا يجب.
وأما الحال: فليست تخلو من أن تكون في حكم الماضي أو المستقبل؛ لأنه لا يخلو من أن يكون واجبًا أو غير واجب، فلما لم يفرق للماضي، والمستقبل، وكانت الحال في حكم أحدهما، لم يجب التفريق.