وقد اتفق الجميع أنه لا يأخذ الأرش فيما دون النفس إلا برضا الجارح كذلك النفس.
فإن قيل: العموم يقتضي إيجاب الخيار فيهما جميعًا، وإنما خصصنا ما دون النفس بدلالة، وبفي حكم العموم في النفس.
قيل له: وجميع ما قدمناه دليل على أن رضا القاتل شرط في استحقاق الدية.
ويدل على صحة تأويلنا: ما روي في بعض ألفاظ الحديث: "إما أن يقتل، وإما أن يفادي"، والمفاداة تكون من اثنين، وهو كقول الله تعالى:{فإما منًّا بعد وإما فداء}، فكان رضا الأسير شرطًا في الفداء، وإن لم يكن مذكورًا في اللفظ، إذ كان لفظ المفاداة يقتضيه.
فإن احتجوا من جهة النظر بإن في دفع الدية إحياء نفسه، ومن قدر على إحياء نفسه كان عليه إحياؤها، فتلزمه الدية شاء أو أبى.
قيل له: الموضع الذي يلزم فيه إحياء النفس لا يختلف فيه حكم الجاني وحكم غيره، في أن على كل واحد منهم إحياء نفس من قد أشرف على التلف، كالمضطر إلى الطعام والشراب، فيلزم على ذلك أن يجبر الولي على أخذ الدية لإحياء نفس القاتل.