ورواه أيضًا سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه.
ومعلوم أن شبه العمد اسم شرعي مفهوم المعنى من جهة اللغة قبل مجيء الشرع، وأسماء الشرع لا تؤخذ إلا توقيفًا، فعلمنا أن عليًا إنما قال ذلك توقيفًا.
فإن قال قائل: إذا كان مثله يقتل، فهو عمد محض، وليس شبه عمد.
قيل له: لا يجوز فيه غير ما قلنا؛ لأنه لو كان مثله لا يقتل، مثل اللطمة ونحوها، لسقطت فيه جهة العمد، وكان خطأ محضًا، إذ هو غير عامد به إلى القتل، وما قلناه صحيح موافق لمعنى الخبر؛ لأنه جمع فيه العمد والخطأ، فهو عمد في الفعل، خطأ في الحكم.
ويدل على ذلك: أن العمد واخطأ إنما هو صفة الفعل؛ لأنه قال:"قتيل خطأ العمد"، فينبغي أن يكون القصد إلى القتل موجودًا مع الفعل، حتى يصح وصفه بأنه عمد، ويكون خطأ مع ذلك من طريق الحكم، حتى يسقط القود عنه.
ومما يدل على أن للآلة تأثيرًا في وجوب القود وسقوطه، وأن الحكم متعلق به دون القصد إلى القتل: اتفاق الجميع على أن السكين الصغيرة التي لا تقتل مثلها في الغالب، والكبيرة التي تقتل، لا يختلفان في وجوب القود بهما، وأن السوط واللطمة ونحوهما لا يجب بهما القود وإن عمد بهما إلى الضرب.