وشبه العمد، وذلك بعد استقرار حكم وجوب القود في العمد والخطأ، فذكر شبه العمد، وهو قتل بينهما، لا عمد محض، ولا خطأ محض.
فإن احتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من قتل قتيلًا فأهله بين خيرتين: إن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا أخذوا العقل".
وهو عام في سائر وجوه القتل إلا ما قام دليله.
وبما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"العمد قود".
قيل لهم: أما قوله: "العمد قود": فإنما يتناول عمدًا محضًا، ولم يدخل فيه ما لا يسمى عمدًا على الإطلاق، وفي هذا الخبر بعينه، وهو خبر ابن عباس –الذي تقدم ذكر سنده ومتنه- وذكر القتل بالعصا والحجر، وأن فيه الدية، فعلمنا أن العمد المطلق المذكور في هذا الخبر، غير داخل في شبه العمد.
وأما قوله:"من قتل قتيلًا فأهله بين خيرتين": فإنما ذكر فيه حكم ما يجب عن القتل العمد، وليس فيه ذكر السبب الذي يقع به القتل.
وفي خبرنا ذكر الآلة التي يقع بها القتل، وكل واحد من الخبرين وارد في معنى غير ما ورد فيه الآخر، فلا يتعارضان؛ لأن التعارض إنما يقع إذا وردا في معنى واحد.
وهذا أصل صحيح يعتبره أصحابنا في اختلاف الأخبار، ونظيره ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من نام عن صلاة أو نسيها