قيل له: من قبل أن دعوى أحدهما المال يصير شبهة في نفس الفعل، فكان بما وصفناه أشبه، وأما العفو عن أحد القاتلين بعد وجوب القصاص عليهما، فلا تأثير له في نفس الفعل، فلذلك لم يسقط القود عن الآخر.
وإنما كان دعواه المال شبهة في سقوط القطع، من قبل أن القطع حينئذٍ يكون موقوفًا على يمين المسروق منه في نفي ملك السارق عما أخذه، لأنه لا يجوز لنا أن نقطعه حينئذٍ حتى نسألة المسروق منه عن دعوى السارق، ونستحلفه عليه، ألا ترى أنه لو أقر به له: سقط القطع، ومتى حصل القطع موقوفًا على يمين المسروق منه: سقط، إذ غير جائز أخذ القطع باليمين.
مسألة:[لو هرب أحد المشتركين في السرقة]
قال:(فإن لم يدعها واحد منهما، ولكن هرب أحدهما، قطع الحاضر).
وذلك لأن القطع قد وجب عليهما جميعًا، وليست غيبة أحدهما شبهة في نفس الفعل فيسقط القطع، ألا ترى أن موت أحدهما لا يكون شبهة في سقوط القطع عن الآخر.
فإن قيل: جائز أن يدعيه الغائب لنفسه، فيكون ذلك شبهة في سقوط القطع عن الحاضر.
قيل له: حصول الدعوى هو الشبهة في سقوطه، وجواز الشبهة لا يسقط القطع، لأن جواز الشبهة لو كان مسقطًا للقطع، لما قطع سارق أبدًا، وإنما الذي يُسقطع القطع حصول الشبهة.