للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحمن عن أبيه "عن علي رضي الله عنه أن رجلاً أقر عنده بسرقة مرتين، فقال: قد شهدت على نفسك شهادتين، فأمر به فقطع، وعلقها في عنقه".

وليس في هذا الحديث أيضًا دلالة على أنه كان من مذهب علي رضي الله عنه أنه لا يقطع إلا بالإقرار مرتين؛ لأنه إنما قال: شهدت على نفسك شهادتين، ولم يقل: لو أقررت مرة واحدة لم أقطعك، ولا أنه لم يقطعه حين أقر مرة واحدة، حتى أقر مرتين.

* ومما يحتج به لأبي يوسف من طريق النظر: أن هذا لما كان حدًا تسقطه الشبهة، وجب أن يكون أقل ما يصح به إقراره مرتين، كالزنى اعتبر فيه عدد الإقرار بعدد الشهادة.

ويلزمه على هذا الاعتبار الإقرار بشرب الخمر بالشهادة عليه؛ لأنه حد تسقطه الشبهة، إلا أن في غالب ظني إني سمعت أبا الحسن الكرخي رحمه الله أنه قد وجد عن أبي يوسف في شرب الخمر أنه لا يحد حتى يقر مرتين كعدد الشهود في إثباته.

ولا يلزمه عليه حد القذف؛ لأن المطالبة به حق لآدمي، وليس كذلك سائر الحدود، لأنه لا حق لآدمي فيها، وإنما حق لله تعالى فيها.

وهذا الضرب من القياس مدفوع عندنا؛ لأن المقادير لا تؤخذ من طريق المقاييس فيما كان هذا وصفه، وإنما طريقها التوقيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>