تعالى الأيدي إليهما بلفظ الجمع، علم أن المراد: أن اليد التي لكل واحد منهما واحدة، وهي اليمنى.
ويدل عليه حرف عبد الله رضي الله عنه:} فاقطعوا أيمانهما {، وكذلك هو في حرف ابن عباس رضي الله عنه، والحسن وإبراهيم.
وإذا ثبت أن الذي تناولته الآية يد واحدة، ولا يجوز الزيادة عليها إلا من جهة التوقيف أو الاتفاق، وقد ثبت الاتفاق في الرجل اليسرى، واختلفوا بعد ذلك في اليد اليسرى، فلم نقطعها مع عدم التوقيف والاتفاق، إذ لا يجوز إثبات الحدود إلا من أحد هذين الوجهين، وكذلك الزيادة عليها، ولأن الزيادة على ذلك كالزيادة في حد الزنى، وذلك يوجب نسخ الأصل، ولا يجوز الزيادة فيه إلا بمثل ما يجوز به النسخ.
فإن قيل: قوله:} فاقطعوا أيديهما {: يقتضي قطع اليد اليسرى، ولولا الاتفاق لما عدلنا عنها إلى الرجل اليسرى قبلها.
قيل له: أما قولك إن الآية مقتضية لقطع اليد اليسرى، فليس ذلك عندنا؛ لأنها إنما اقتضت يدًا واحدة، لما وصفنا من إضافتها إلى الأثنين بلفظ الجمع دون التثنية، وإن ما كان هذا وصفه يقتضي يدًا واحدة من كل واحد منهما.
ثم قد اتفقوا أن اليمين مرادة، فانتفى أن تكون اليسرى مرادة باللفظ، لما وصفنا من قراءة ابن مسعود رضي الله عنه وابن عباس رضي الله عنه:} فاقطعوا أيمانهما {.