وإذا ثبت ما وصفنا، وجب أن يجوز إقرار العبد على نفسه بما يوجب الحد أو القصاص، إذ لم يملكه المولى منه.
وليس ذلك كإقرار بالمال وهو محجور عليه، فلا يجوز في حق المولى؛ لأن المولى يملك ذلك من عبده، وكذلك لا يجوز إقراره برقبة نفسه لغيره، لأن المولى يملك الإقرار به لغيره.
فإن قيل: لما كان في إقراره بما يوجب الحد أو القصاص إدخال ضرر على المولى بالحد، واستحقاق رقبته بالقصاص، وهي ملك لغيره، وجب أن لا يجوز إقراره.
قيل له: لا يمتنع ذلك إذا كان مالكًا لما أقر به، ولم يملكه المولى منه، فيستحق حينئذٍ رقبته بالقصاص من جهة الحكم، ألا ترى أنه لو ارتد عن الإسلام: قتلناه، وفي ذلك استحقاق رقبته على المولى بقوله، وإذا كان العبد مأذونًا له في التجارة، فأقر بمال بعينه في يده أنه سرقه من هذا الرجل: فإنه يقطع، وإقراره جائز بالمال أيضًا في قول أصحابنا جميعًا، لأن إقرار المأذون جائز بما في يده لغيره، سواء أقر من جهته السرقة أو غيرها.
فصل:[إقرار العبد المحجور عليه بالسرقة]
(وأما إذا كان محجورًا عليه، فأقر بسرقة عشرة دراهم في يده من رجل، وصدقه الرجل، وكذبه مولاه، فإن أبا حنيفة رحمه الله قال: أقطعه، وأدفع الدراهم إلى المقر له.