ولا يجوز أن يكون ذلك نازلاً فيهم، لاستحالة إمكان إجرائه عليهم، فثبت أن الذي في الآية حكم مبتدأ، غير متعلق بسبب، فاوجب ظاهرها إجراء الحكم على كل من تضمنته الآية، من مسلم أو كافر.
فإن قال قائل: لفظ الآية يوجب أن يكون الحكم خاصًا في المشركين، لأن المحارب لله ولرسوله لا يكون إلا كافرًا.
قيل له: قد يصح إطلاق هذا اللفظ على من كان من أهل الملة، والدليل على ذلك: ما روى زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر رضي الله عنه رأي معاذًا يبكي، فقال: ما يبكيك؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن اليسير من الرياء شرك، ومن عادي أولياء الله عز وجل فقد بارز الله بالمحاربة".
فأطلق عليه اسم المحاربة، ولم يذكر الردة، ومن قتل مسلمًا وحاربه على أخذ ماله، فهو معادٍ لأولياء الله تعالى، ومحارب لله سبحانه.
وروى أسباط عن السدي عن صبيح مولى أم سلمة عن زيد بن أرقم "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم: أنا حرب لمن حاربتم، وسلم لمن سالمتم".
فاستحق من حاربهم اسم المحارب لله ورسوله وإن لم يكن مشركًا.