المهلكين، وأخرج امرأته من جملة المنجين، وكقوله عز وجل:} فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس {، فكان إبليس خارجًا من جملة الساجدين، فكذلك لما استثناهم من جملة من أوجب عليهم الحد إذا تابوا قبل القدرة عليهم، فقد نفى وجوب الحد عليهم.
فإن قيل: فقد قال في السرقة:} فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح {، ولم تكن توبة السارق مسقطة للحد عنه.
قيل له: لأنه لم يستثنهم من جملة من أوجب عليهم الحد، وإنما أخبر أن الله غفور رحيم لمن تاب منهم، ولا دلالة في ذلك على إسقاط الحد، وفي آية المحاربين استثناء يوجب إخراجهم من الجملة.
وأيضًا: فإن قوله عز وجل:} فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح {: يصلح أن يكون كلامًا مبتدأ، مستغنيًا بنفسه عن تضمينه بغيره، وكل كلام استغنى بنفسه في إيجاب الفائدة، لم نجعله مضمنًا بغيره، وأما قوله تعالى:} إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم {: فمفتقر في صحته إلى ما قبله، فمن أجل ذلك كان مضمنًا به.
وقد روى الشعبي أن حارثه بن زيد حارب الله ورسوله، وسعى في الأرض بالفساد، ثم تاب من قبل أن يقدر عليه، فكتب علي رضي الله عنه إلى عامله بالبصرة: أن حارثة بن زيد ممن حارب الله ورسوله، ثم تاب من