المصر، وإن كان في موضع لا يلحقه الغوث من أهل مصر: فهم قطاع الطريق، فثبت أنهم في المصر بمنزلة المختلس والمنتهب، لا تجري عليهم أحكام قطاع الطريق، لعدم المنعة فيه.
ووجب أن لا يختلف في المنتهب حكم الليل والنهار، كما لا يختلف في المختلس حكم الليل والنهار.
وأيضًا: فإنه إذا ثبت أنهم غير محاربين في المصر نهارًا لما وصفنا، وجب أن يكون الليل كذلك؛ لأنهم لم يحصل لهم امتناع بالليل، وإنما أكثر ما فيه غفلة الناس عنهم بنومهم، والنوم لا يوجب لهم امتناعًا، ألا ترى أن من أخذ ثوب إنسانٍ نائم: لم يجز أن يقال: إنه ممتنع لغفلته عنه بالنوم، فلم يكن بمنزلة قطاع الطريق.
فإن قيل: فيجب أن يكون: لو أن عشرة اعترضوا قافلة فيها ألف رجل ألا يكونوا محاربين.
قيل له: هم محاربون؛ لأن عشرة قد يجوز أن يمتنعوا على ألف رجل حتى لا يقدروا عليهم إذا لم يكونوا في المصر، كالأعراب والأكراد ونحوهم، ولو كانوا في المصر لم يمكنهم أن يمتنعوا على أهل المصر، فلذلك اختلف حكمهم في المصر وغيره.
وأيضًا: فإن الموضع الذي خرجوا فيه هم فيه ممتنعون، وحضور القافلة والجمع العظيم هناك شاذ نادر، ولا تقيم القافلة أيضًا هناك، وإنما هي مجتازة، فلا يخرجهم من حكم قطاع الطريق باجتيازها هناك.
* وأما أبو يوسف: فإنه لم يعتبر المصر، وإنما اعتبر إمكان معاملتهم إياه بالقتل وأخذ المال قبل غياث الناس إياه، فإذا كانوا بهذه الصفة: كانوا قطاع الطريق، وأجرى عليهم حكم المحاربين، ومتى أمكن المقصود