قال:(وإن صلى بقوم، وهو فيهم، وسلم كما يسلم الإمام، ونوى في سلامه كما ينوي الإمام: لم يحنث).
وذلك لأنه غير مكلمٍ له وإن كان ظاهره الخطاب، والدليل عليه: أن المأمومين يقولونه أيضًا، والمنفرد يقوله، ولا يقتضي جوابًا من غيره، ولو كان خطابًا لهم: لاقتضى منهم جوابًا، كما أنَّ المار إذا سلَّم على غيره، لزمه الجواب له.
فإن قيل: قولهم: السلام عليكم ورحمة الله: جوابٌ للإمام ولجميع الحاضرين الذين سلموا عليهم.
قيل له: ليست هذه صورة الجواب، بل هو أيضًا ابتداءً، لأن الجواب أن يقول: وعليكم السلام، فلما لم يلزمهم ذلك، دل على أنه ليس حكمه حكم الخطاب.
وأيضًا: فإن الناس لا يتعارفون ذلك كلامًا من بعضهم لبعض، ألا ترى أنه يكره له الخروج من الصلاة بالكلام، والمسنون أن يخرج منها بالسلام، فدل على أنه ليس بكلام.
وأيضًا: فإن السلام الذي هو كلام، إنما العادة فيه أن يبتدئ الرجل به صاحبه في أول لقائه، فأما وهم قعودٌ، فليس يسلم بعضهم على بعض، فدل على أنَّ السلام المفعول في آخر الصلاة، ليس هو السلام المفعول في أول اللقاء.