إظهار هذه الأفعال من الفساد في الأرض، ونحن فإنما أعطيناه الذمة لئلا يسعى في أرضنا بالفساد، وأقمنا عليه الحدود، إذ كان من أهل الدار كالمسلم، وليس في سقوط الكفارة عنه ظهور فساد في الأرض.
فإن قيل: فإن كانت هذه علة وجوب الحد على الذمي، فأوجبه على الحربي المستأمن أيضًا لهذه العلة.
قيل له: لولا أنا أعطيناه الأمان على أن نبقيه على حكم الحرب، لأقمنا عليه، ولكن الأمان يمنع منه؛ لأن فيه خفر الأمان، ولا يجوز ذلك.
فإن قيل: روي "أن عمر رضي الله عنه قال: يا رسول الله! نذرت في الجاهلية أن أعتكف يومًا في المسجد الحرام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوفِ بنذرك".
قيل له: معناه عندنا: أنه نذر قبل فتح مكة، والناس هناك في الجاهلية، وكان نذره بعد إسلامه، فكأنه اشتبه عليه، هل يلزمه الوفاء به بعد الإمكان، وقد كان وقت النذر غير ممكن؟
والدليل عليه: أنه لو كان نذره في حال كفره، لكان ذلك النذر كفرًا، لأنه نذر اعتكافًا للأصنام، ومحالٌ لزوم الوفاء بذلك، فدل على ما وصفنا.
* وأما الطلاق والعتق، فالذمي والمسلم فيهما سواء، لما فيهما من حق الآدمي، والمسلم والكافر لا يختلفان في حقوق الآدميين.