فأخذ أحدهما الثلث من مقدمها، وقيمته ستمائة درهم، وأخذ الآخر الثلثين من مؤخرها، وقيمتها ستمائة درهم، ثم استحق نصف ما في يد صاحب المقدم، فإن أبا حنيفة رحمه الله قال في ذلك: يرجع صاحب المقدم على صاحب المؤخر بربع ما في يده، وإن شاء أبطل القسمة.
وقال أبو يوسف ومحمد: يرد ما بقي في يده، ويبطل القسمة، ويكون ما بقي من الدار بينهم نصفين).
وجه قول أبي حنيفة في إيجابه التخيير بين الرجوع بما يخصه فيما في يد الآخر، وبين فسخ القسمة: أن القسمة في ذلك لما كانت في معنى البيع بما قدمنا، صار كمن اشترى دارا بدار، فاستحق نصفها، فالمستحق ذلك من يده بالخيار: إن شاء فسخ البيع، ورجع بالدار التي سلمها إلى البائع، وإن شاء رجع بحصة ما استحق فيما في يده، وهذا اتفاق بينهم في البيع، فكانت القسمة عنده بمثابته.
وإنما قال: يرجع بربع ما في يد الآخر: من قبل أن ملكهما قد تبين أنه قد كان الباقي من الدار، وقيمته تسعمائة؛ لان المستحق ثلثمائة، فينبغي أن تكون هذه التسعمائة بينهما نصفين، فيجب أن يحصل لكل واحد منهما ما قيمته أربعمائة وخمسون، وفي يد صاحب المقدم ثلثمائة بعد الاستحقاق، فيرجع مما في يد صاحبه بما قيمته مائة وخمسون، وذلك ربع ما في يده.
*وأما أبو يوسف ومحمد: فإنهما ذهبا في ذلك إلى أنه قد تبين أنه