فإن قيل: روي عن جابر أنه قال: "نهي نبي الله تعالى أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعمام يستقبلها".
وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال:"إنما نهى عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك: فلا بأس به".
قيل له: أما حديث جابر، فلا وجه للاحتجاج به؛ لأنه لم يفرق فيه بين البيوت والصحاري، ولو كان حديثه مستعملا على ما اقتضاه ظاهره، لكان النهي منسوخا في البيوت والصحاري جميعا.
وأيضا: لو ثبت أن المراد في حديث جابر استقبالها في البيوت، لكان خبر أبي أيوب الأنصاري، وأبي هريرة قاضيا عليه، لاتفاق الجميع على استعماله، واختلافهم في استعمال حديث جابر رضي الله عنه.
وأيضا: فإن في خبرنا حظره، وفي خبركم إباحته، ومتى اجتمع خبران في أحدهما حظر، وفي الآخر إباحة: كان خبر الحظر أولى، عاما كان أو خاصا.
وأيضا: فإن في خبرنا أمرا، وفي خبرهم فعلا، والفعل والأمر إذا اجتمعا: فالأمر أولى.
وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما، فإنه قوله، ولا يقضي به في دفع قول النبي عليه الصلاة والسلام، بل قول النبي عليه الصلاة والسلام