استعماله للطهارة بالاتفاق، وإن كان الماء هو الغالب، فهذا فرق بينهما
فإن قيل: فقد حصل الاغتسال بجزء من اللبن، فينبغي أن لا يجزئه
قيل له: ليس هو بأكثر منه لو توضأ، ثم مسح وجهه باللبن، فلا يفسد ذلك طهارته.
فإن قال قائل: لو وجب الامتناع من استعمال الماء بحلول اليسير من النجاسة فيه، لوجب الحكم بنجاسة ماء البحر، لعلمنا بكون الجيف والنجاسات فيه، وإن كان جزء منه لاقى جزءًا قد نجس بمجاورته لجزء نجس، إلى أن تسوفي النجاسة أجزاء ماء البحر كله.
قيل له: هذا غريب واجب، من قبل أن ما لاقى عين النجاسة من الماء قد نجس بمجاورته إياه، ولم يصر هذا الماء المجاور لغير النجاسة نجسًا في الحقيقة، وإنما لحقه حكم النجاسة من طريق الحكم، لا أنه نجس في نفسه، وما كان هذا وصفه من ماء البحر والآبار ونحوها: لا ينجس ما جاوره، وتبين ذلك في مسألة البئر إذا ماتت فيها فأرة.
فاختلفت عندنا حكم ما كان نجسًا في نفسه، وما نجس بالمجاورة فلذلك لم يفسد ماء البحر بحلول النجاسة في ناحية منه.
* ودليل آخر: وهو أنا وجدنا النجاسات في الثياب والأبدان أخف منها في الماء، ثم كانت النجاسة في البدن والثوب تمنع جواز الصلاة فيه إذا كثرت وإن لم تكن مرئية، فدل ذلك على سقوط اعتبار ظهور النجاسة في الماء، وأن الحكم متعلق بوجودها فيه، كما تعلق في الثوب.