ورواية أخرى: أنه إذا قبض منها مائتي درهم بعد حول: زكاها لما مضى، وهي دين، وإن قبض أقل منها لم يزك.
والرواية الأولى أصح على أصله.
والقسم الثالث: ما كان بدلا عن مال لو بقي في يده وجبت فيه الزكاة، وهو عبد التجارة، وبدل دراهم استهلكها غاصب، أو أقرضها غيره، ثم قبضها بعد حول، فإذا قبض أربعين درهما، زكى الأربعين للحول الماضي، فإن قبض أقل منها لم تكن عليه زكاة، حتى يقبض تمام الأربعين.
* وأما أبو يوسف ومحمد، فيعتدان بالحول الماضي في وجوب الزكاة في الدين، إلا في الكتابة والدية إذا لم يقبضها، فإنه لا زكاة فيها عندهما أيضا حتى يقبض ذلك، ويحول عليها الحول بعد القبض.
والأصل في ذلك عند أبي حنيفة: أن النصاب لا سبيل إلى إثباته إلا من طريق التوقيف، أو الاتفاق، ولا سبيل إليه من طريق القياس، والنصاب المتفق عليه هو اجتماع الملك واليد جميعا، فإذا انفرد الملك عن اليد، فهو نصاب مختلف في أنه نصاب، فلم نثبته إلا من الجهة التي بها يصح إثبات النصاب، كالميراث لم يملك إلا وهو دين، وكذلك المهر ونظائره، فلم يحصل إثباته إلا بالقبض، فحينئذ يعتد بالحول.
وأما ما كان في يده من عبد للخدمة، ثم باعه، فهو بهذه المنزلة؛ لأنه لم يصر من جنس الأموال التي للزكاة إلا وهو دين، ولو بقي العبد في يده